تركواز9:


بدأت التعود على مراد وبدأ التعود علي فقد أصبحنا نتكلم في أمور المنزل في أوقات عودته من العمل أو كيف كان نهاره ،فاقترح علي أن ألتحق بدوره تدريبية في تطوير الذات حتى أقضي وقت فراغي حين لاحظ اهتمامي بحديثه عن الأمل والفتائل ،فقبلت العرض مباشرة و كنا نخرج في الصباح سويا للمشي على شاطئ القرم ثم يوصلني للمعهد ويذهب للعمل ويعود ليأخذني مره أخرى ونتناول الغداء ثم يخرج مره أخرى لأنشغل بمذاكرتي وترتيب المنزل وإعداد العشاء!


كانت حياة هادئة للغاية لم أجد فيها نسب بيت جدي وعاداته ولم أجد فيها بذخ بيت موسى و مكانته ولم أجد فيها أهلي وأطفالي ولكن كنت قد استطعت أن أكون بخير بوجوده قربي!


تم ترشيحي لحصولي على الدرجات الأعلى في المعهد لأسافر إلى الخارج فتهلل وجه مراد وقبل بذلك وشجعني ! أحسست بشعور غريب حيث تمنيت لو أنه تمسك بي أو قال أنه إعتاد على وجودي بقربه ولكنه لم يكترث وأخذني لأشتري حاجيات السفر واخذ لي حقيبة بلون التركواز فاهتز قلبي وكأني أعود إلى أبي و دلاله وأيام سور زات،ولم أشعر إلا بيدي تضرب بخفه على رأسي وأقول بصوت عالي :التركواز يا عاتكه !!،فسمعت صوت ضحكته و أكملنا تسوقنا ،ومضى الشهر سريعا وحان موعد السفر،سافرت و تعلمت وإنشغلت عن الدنيا والهموم ،وكان نادرا مايتصل بي للسلام او لتحويل مبالغ ولم يكن يطيل الحديث! فقط جمل او أرقام حسابات أو غيرها،بينما كنت متعطشه لسماع صوته!


وكأنما أصبح كل أهلي،أثبت نفسي في الدراسه و كنت قد إستعدت رونقي وجمالي و كنت أنيقة جدا رغم بساطتي ،عدت لكل تفاصيلي الدقيقه الحناء والشعر المفتوح و التركواز كان قد عاد لملابسي !


بدأت في نشر كتاباتي وفي إثبات نفسي وكنت أنتقل من كل مرحله لمرحله بكل سهوله ،وكان كل الشباب يلتفون حول عاتكه ظننا منهم أنني لست متزوجه فلم يكن يبدو علي شيء مما كان يبدو على الاخريات !قصص حب كثيره ظهرت والكثير من الورود و الكثير من المعجبين وكأني نجمه سينمائية او حدث مهم ! كونت هيبة وشخصيه في وقت قصير ،ومضى العام الأول وحان وقت عودتي فرفض مراد وقال أنه علي أن لا أعود وأن أقضي هذه الإجازة في تلك الدولة وأن أستمتع بوقتي وأن أعود بعد إنهاء العامين كاملا!


شعرت بأنه لا يحبني وأنه يقوم بواجبه فقط،ولم أتذمر فقد كان موضوع الحب مرعبا لي بعد موسى وحبه !


تعرضت لوعكات صحيه خلال تلك الفترة ولكنها جميعا مضت بسلام ،كنت أعيش كفرد وذلك شعور غريب وكنت لا أجد ما أقوله حين أسأل عن أهلي ولكن الغربة ساعدتني كثيراً في حل هذا الموضوع ،بعد عامين حان موعد عودتي لعمان،حملت حقائبي وأحسست بوجع وكأنني اعود للواقع ولكني حاولت أن أتخطى هذه المرحلة وأن أعود لأقول لمراد شكرا في أقل تقدير،أنتظرني في مطار السيب ولم يصافحني ولم يركض لي ،تعودت أن يركض خلفي الرجال لمدة عامين وان يغرقوني بالورود أو أن ينظروا على أقل تقدير لملابس وجسدي بإعجاب ،لم يكن أيا من ذلك في عيني مراد،حتى أنه قال لي مبروك فقط ثم صمت إلى أن وصلنا للمنزل !


في المساء تركني وخرج،وأكلت العشاء لوحدي !ولم أجد باقة ورد على فراشي مثلا!!


لقد تناساني تماماً وأحسست بفشل كل ما حققته،كل ذالك كان من باب الشفقة ياسور زات ولم يعد للحب في القلوب مكان بل إنني مطالبه أمام نفسي لأعوضه عن ما صرفه علي و عن عطفه الذي لن أستطيع أن أعوضه عنه و عن جميله الذي يطوق عنقي!،في الصباح وجدته ماكثاً على كرسي قرب فراشي،نظر لأول مره في عيني ،أخرج علبة حمراء ،فتحها فإذا بها خاتم من الألماس تطوقه حبات من الأحجار بلون التركواز ،وقال لي بهمسة حانيه :عاتكه علي هل تقبلين الزواج مني!؟ ،ففتحت عيني و تلمست جسدي فلعلني في حلم جديد!


و ابتسمت بخجل لم يزرني منذ أمد طويل! وأحمر خدي ورأيتني أرفع الشراشف لأخفي جسدي رغم ملابسي الساتره!،فمددت يدي إليه وألبسني الدبله وقال لي أحبك سور زات مذ كنتي طفلة ،و عملت جاهدا لأجمع قيمة هذا الخاتم لعامين ليكون زواجنا بموافقتك وإن لم تريدي فانتي حره كيفما كان قرارك،كان يتكلم بإرتباك وكان يبدو غارقا في خجله!


وهمس لي أن أفضال أبي عليه وعلى والده وأنه لا يتوجب علي أن أشعر بأنه علي تعويضه عن أي شيء! فاستغربت لفهمه ما يدور في خلدي،رأيت فستانا أبيض على الأريكه و باقة ورد تركوازي،وهمس لي هل ستبدلين ملابسك بنفسك أم أساعدك من جديد فضحك بخجل وأرتديت الفستان الأبيض لأول مره ،وكأني فتاة عذراء لم يسبق لها الزواج!أمسكني من يدي لأرى كعكة جميله ثم طلب مني أن أسبقه للغرفه لتغير ملابسي بعد حفله نهارية رائعه !!


كان كل شيء تماماً كما أحب ،وجدت ملابس خاصه بالليلة الأولى للعرائس تشبه إلى حد كبير حمالة صدر فقط! مما أثار خجلي فارتديتها وخبأت جسدي في الفراش ،سمعت صوت نحنحته فقلت له بخجل :مراد تعال ،جاء كرجل مكتمل الرجولة وكنت لا شك مكتملة في أنوثتي وأكثر أستمر اللقاء إلى المساء دون أن نشعر بالوقت فقد كنا في هيام لا يوصف ،وأخيراً اقتربت شفتاه من شفتي و ....









النهاية


جميع الحقوق محفوظه للموقع الرسمي للشاعره والأديبة العمانية سوسنة إسماعيل©