تركواز 7
علمت بعدها أنني الآن زوجة مراد الثانية !
وأن أهلي رفضوا إستلامي بعد تعرضي للأذى من موسى،وأن حيدر ضمني إلى منزله و تابع علاجي و أنني مطلقه لا تعلم عن أطفالها شيئا ومتزوجه لا تعلم عن زوجها شيئا!
مضت خمسة أعوام وأنا في صمت مخيف لا أخرج ولا أدخل من المنزل وذالك الرجل الوفي لوالدي يعتني بي وكأني بنت من بناته ،رغم فقره وقلة حيلته!حصل مراد ساعتها على عمل في مسقط فكان لابد أن أنتقل معه كوني زوجته أنا وصفيه وأبناءه الثلاثة، كنت لا أتحدث وكان لا ينظر إلي وكانت صفيه رحيمة بي وكان أولادها ينادونني بـ"الحرمه البيضاء "!
حاولت أن أطالب بأبنائي بأهلي حتى بأشيائي !!
لم أتمكن من النطق أو حتى السؤال ،فقد كانت آلامي لاتزال نديه حتى بعد خمسة أعوام ،وكنت لا أستطيع المشي بسبب علمية جراحيه كانت قد أجريت لقدمي ولا أدري لماذا؟!
ولكن غرزات العملية كانت تنزف من وقت لآخر لتلطخ ملابسي فأرى صفيه تركض لتعقيمها لي وتطلب مني أن لا أتحرك كثيراً ،فكنت أصلي وأنا قاعده كالشيوخ الكبار !
الجميع كانوا يتحدثون بلهجتهم إلا مراد كان إذا أتى حدثني بلهجتي و كنت أرد عليه بكلمات مختصره!
عادل بيني وبين صفيه في كل شيء ولكني كنت أحصل على أكثر منها من ملابس وهدايا حيث كانت صفية تشتري لي خوفاً من أن ينقصني شيء!
على بساطة عمل مراد فقد كانت حياه كريمة و مع الوقت بدأت أشعر بشيء من السكينة!
وكنت أكمل جلسات علاجي في مسقط،
لم يمضي ذلك العام هادئاً كما كنت أظنه فتوفت صفيه وأحد أبنائها الثلاثة في حادث مروري في طريق عودتها من زيارة لأهلها في البلد ،ومضى العام كئيبا على مراد وعلي حيث كان لآبد أن أهتم بحسام ويحيى وأكون أماً جديدة لهم رغم جراحي وألمي وعجزي عن النطق بشكل جيد بسبب كسر تحطم له نصف وجهي و كل روحي!
كنت أبكي كثيراً شوقا لأبنائي و كنت أنتحب في كل مساء فيصل صوتي إلى مراد في حجرته المجاورة فيتنحنح لأصمت ! أو ربما ليقول لي أني لست وحيده!،قرر إرسال الأولاد إلى جدتهم في البلد و قرر أن يستبقي علي خوفا من أن يكون في إعادتي إلى هناك أذا من موسى !
ولم أستطع المطالبة ببقائهم فقد كنت عاجزه حتى عن خدمة نفسي ، وكم جاء مراد ليعقم لي جرحي و في أحيان كثيره كان ينام في الصالة تاركاً الباب مفتوحا خوفا من احتاج إليه و لا يسمعني!
لم يكن يربطه أي حب مع صفيه ولم تكن صفيه تحمل له أي حب ولكنهم استطاعوا تكوين أسرة هادئة بالقبول بواقعهم و أمضوا حياه هادئة تملؤها القناعة والسكينة!
كنت أشعر بأنهم كانوا يؤدون مسرحية معينه فلم أكن أؤمن بكل تلك الطيبة والتضحية من زوج وزوجته لي دون مقابل!
ولكني حين كنت أعيد حساباتي لم أجد لدي أي شيء ليطمع فيه أحد فكل ما تبقى لدي من تلك المرحلة خلقه ورديه كنت أغطي بها جسدي ذات فاجعه!
ولم أعد تلك الفاتنة الشهية!
تركواز8:
في بعض إجازات الاسبوع كنا نذهب لنرى العم حيدر وأبناء مراد وكان يختار طريقا لا يطل على منزل موسى حتى لا أتألم ،بينما كنت أبحث بعيني عن أي إشارة لولديَّ ،لاحظ مراد هذا فقال لي أن أبنائي بخير لكن موسى انتقل مع أبناءه وزوجته الجديدة إلى الداخلية للعمل وأن والدته توفت منذ عام والمنزل معروض للبيع الآن !
شعرت بغصة ولكني لم أستطع الرد، هربت دموعي إلى خدي فأحسست بإصبعه يمسح دمعتي فصمت وتمالكت نفسي !
بعدها بشهور وصلنا خبر وفاة ابنيَّ مرة واحده!! ففجعت وبكيت وإنتحبت،ولم أعرف أي تفاصيل عن وفاتهما !فعدت إلى قوقعت الحزن والبكاء إلى أن استفقت ذات مساء على صوت أنفاس مراد وهو مرتمٍ في الصالة وكانت حرارته مرتفعة فهرعت لأرفعه على الكرسي فلم أستطع ثم وضعت مخدة تحت رأسه و حاولت أن أجعله يستفيق بقطرات من الماء فإذا به يفتح عينيه ليقول :أحبك!
ارتعش قلبي و تثلجت كقطعة من جليد فلم أستطع أن ألمسه أو أن أرد عليه ،فلعل الحمى جعلته يهذي أو لعله تذكر صفيه!
فأحسست بيده تمتد إلى يدي ليضعها على صدره ويمسكها بقوه فلم أتحرك وهو خالد في نوم عميق !
بعد ساعات غلبني النوم فاستفقت في الصباح على فراشي و ملابس النوم على جسدي!
مراد مجددا غير ملابسي وعقم جراحي وتأكد أن الغطاء يغطي جسدي كي لا أبرد!
والطعام كان قرب فراشي مع الدواء كالعادة!
انتابتني نوبة من البكاء وبكيت لساعات و تذكرت موسى وحنانه ثم قسوته فجأة فدار في خلدي أنه مسحور واستذكرت بعضا من قصص عمتي عن مثل هذه العلاقات التي تنتهي فجأة بسبب السحر والحسد! لم أجد تفسيرا لكل ما حدث لي وكنت أشعر أني أعيش في كابوس وأنتظر عودت موسى وأبنائي لي حين أستفيق!
بداء جسدي بالتعافي و بدأت أمشي دون ألم وبدأت أطهو الطعام وتحسنت حالتي كثيراً ،ربما لأن عطاء مراد دفع في نفسي طاقة رهيبة لعلني أرد الجميل له ،وكنا نقعد على نفس المائدة ولا نتكلم فقط يقول لي شكرا أو غيرها من العبارات البسيطة و المألوفة!
ولم يعد يدخل إلى غرفتي إطلاقا فقد أصبحت في غنى عن مساعدته و طلبت منه إعادة أولاده لمسقط فرفض وقال أنه يريدهم أن يبقوا مع جدهم ليتعلموا الحياة وأنه يخشى عليهم هنا خصوصا في أوقات انشغاله بينما هم هناك بخير في بيت جدهم!