تركواز5:
عاد موسى في هذا المساء دون طفليَّ ،تتعلق في ذراعة فتاة سمراء بوجنه ملتهبة وشعر أجعد ،بدت لي وكأنها لعنه نزلت من السماء،وقفت لبرهة أنظر إليه و أمسك غطاء رأسي حول صدري وقدمي مكشوفه ،فلم أتوقع هذه الزيارة المفاجأة لغرفتي من ضيفة جديده!
وقفت قرابة الساعة متسمرة مكاني وأنا أراها تنظر للغرفة وتقول بلهجة غريبه شيئا ما لم أفهمه فلم أكن أتحدث أو أفهم أي لهجات أخرى!وهو يتكلم بصرامه ويهز رأسه بالقبول ،وقفت على بعد متر مني ورأيتها تبتسم بخبث وتنظر لي بازدراء!
كان عقدٌ من الجواهر يتدلى على صدري ليستقر بين نهدي ، وكنت أرتدي أثمن أنواع البريسم الأحمر وكنت أبدو كصبية لم تتزوج بعد لنضارتي و رطوبة ونداوة جسدي،وشفتي كانت كشفتي طفلة وأنفي كان عاليا و لم يكن شعري كثيفا إلا على رأسي ،حيث تتدلى خصله المموجة الطويلة لآخر ظهري تماما كحورية!،بينما كانت تقف أمامي بجثة ضخمه كجثث الرجال و كانت سمراء بغير جمال فكم من سمراء تحمل ملامح ولون جميل بينما كانت مظلمه جدا وكأنها اقترفت ذنوب العالم أجمع!!
إنتهرني موسى لأول مره ،مشيراً لي إلى الباب لأخرج!،ظننت أني أحلم وسألته عن إبنيَّ طارق و طلال فأشاح بوجهه و لم أدري بعدها ما حدث!
فكأنما جبل ركامي يهوي من السماء على جسدي لتتطاير روحي إلى أشلاء!
تركواز 6:
هيت لك...وراعيل تراود يوسفاً ...وحلمٌ إستفاق على واقع غريب عني!
فتحت عيني و أنا أراى لون الدماء تغطي وجهي ،كنت أرتعش بقوة و حولي ظلامٌ دامس ،سمعت همسة من بعيد سورزات هل أنتي بخير،هل يمكنك رؤيتي ،ثم رحتُ في غيبوبة عميقة !
مجزرة ما حدثت يوماً ... ،حاولت فتح عيني مجددا ولكن إنتفاخ وجنتي و وجهي كان يمنعني من أن أرى إلا كما ينظر الرائي من ثقب باب ضيق!
كنت أشعر بيدٍ تمر على جسدي و أشياء تنزع من جروحي وأشياء تلتصق مجددا! كنت أتألم ولا أستطيع أن أنطق بأي حرف،ولم أكن أدرك مما حولي سوى الوجع بصمت!
أفقت في صباحٍ ما على رائحة قهوة عربية فاهتزت روحي لرائحتها وشعرت وكأني أمر بروحي في ممرات بيت جدي القديم ويدي أمي تقودني في خطواتي الأولى للمشي وأبي يغريني بالحلوى لأقترب منه مشيا على قدمي!
حيدر !! كان بقربي و الكثير من الأسرة حولي ،يبدو أنها غرفة البنات في منزل حيدر ،زينب كانت تذكر الله وتبكي و تقول كلمات لا أفهمها بلهجتها ثم تقول بلهجة عمانيه :بنتي أنتي زينه!
و أنا كان كل ما بيدي من حيله أن أحاول أن تبقى عيني مفتوحه لأطول وقت ممكن!
أبواب تقرع بصوت عالي ثم ترتفع الأصوات بقوة ،رجعوا البنت ...رجعوا البنت!!
وبين هذه الضوضاء أغفو وأفيق !!
مضت شهور على هذا الحال ،وكنت أستفيق أحياناً وأراني مسحوبة في مشفى أو مؤسسة حكومية دون ان أدرك لماذا أنا هناك،ولكني لا أزال اتذكر طعم الحقن التي تخترق جسدي في كل زيارة للمشفى و أجهزة الأشعة التي كانت تحرق جلدي في كل مره ،وأصواتا غريبه متداخله تردد إسمي وتسبقها بمسكينه!!
وفي كل زيارة للأماكن الأخرى أحس بالضغط على أصابعي ،اعتقد أنه كان يتم أخذ بصمتي على بعض الأوراق ،أوراق طلاق أو محكمه أو أشياء من هذا النوع !