معنى الاعتكاف

الإعتكاف لزوم الشىء وحبس النفس عليه , خيراً كان أم شراً , قال تعالى { إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} (52) سورة الأنبياء , أى مقيمون متعبدون لها , و المقصود به هنا لزوم المسجد و الإقامة فية بنية التقرب إلى الله عز و جل .





ما يُستحب للمعتكف و ما يكره له

يستحب للمعتكف ان يُكثر من نوافل العبادات , و يشغل نفسة بالصلاه و تلاوة القرآن و التسبيح و التحميد و التهليل و التكبير و الاستغفار و الصلاه و السلام على النبى صلى الله عليه و سلم و الدعاء و نحوذلك من الطاعات و العبادات التى تقرب العبد من ربه عز و جل , و يمكنه ايضاً القرائة فى كتب التفسير او الحديث و غيرها او الجلوس فى حلق الذكر و العلم , و يستحب له ان يأخذ صحن فى المسجد اقتداء بالنبى صلى الله عليه و سلم ,,,, و يُكره له ان يشغل نفسة بشىء غير العبادات و الطاعة مثل الكلام فى غير المفيد او العمل فى شىء غير الطاعات و يُكره له الامساك عن الكلام ظناُ له ان ذلك يقربه من الله عز و جل, فقد روى البخارى و ابن ماجة و ابو داود عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه و سلم قال : بينما النبى صلى الله عليه و سلم يخطب , إذا هو برجل قائم فسأل عنه , فقالوا : أبو اسرائيل , نذر أن يقوم و لا يقعد و لا يستظل و لا يتكلم و يصوم , فقال النبى صلى الله عليه و سلم (( مُره فليتكلم و ليستظل و ليقعد و لُيتم صومة ))




الفوائد واالثمرات المترتبة على الاعتكاف ، وهي فيما يمكن إجماله بالتالي :
1 - تربية النفس على الإخلاص في العبادة ، وترك الرياء جملة : لأن المعتكف يعبد الله في معتكفه خاليا لا يراه من الناس إلا القلة ، وقد لا يراه أحد : فيكون هذا أدعى إلى إخلاصه في عبادته ، والتخلص من آفة الرياء .

2 - التخفف من ضغوط الحياة : فإن من فوائد الاعتكاف أنه خلوة علاجية ، يهدئ فيها المعتكف من روعه ، ويتخفف من ضغوط حياته ومشاغله ، ويقلل من انفعالاته الضارة ، وهو ما يؤكده بعض الأطباء .

3 - التربية على التخلص من فضول الكلام والثرثرة وفضول النوم وفضول الطعام والشراب : لأن كل ذلك مكروه للمعتكف .

4 - الإقبال على العبادة وتعويد النفس عليها : بما أن المعتكف منقطع للعبادة بصورها المختلفة ، ومتفرغ للقيام بها كل التفرغ .

5 - تقوية الصلة بالله سبحانه ، بما أن المعتكف يناجي الله سبحانه ويدعوه ويتأمل في خلقه ويعبده بإقبال قلب وفراغ نفس .

6 - استثمار الوقت فيما يرجع على الإنسان بالنفع العميم في الدارين ، وتعويد الإنسان على عدم إضاعة الوقت فيما لا طائل تحته : لأن المعتكف المنقطع لله سبحانه ولعبادته ، مستثمر لوقته أفضل أنواع الاستثمار ، ومحرز لوقته عن تضييعه فيما لا يفيد ولا يجدي .

7 - تربية النفس على تحمل الشدائد ، والصبر على الطاعة ، والخشونة في العيش : لما قلناه من أن المعتكف يكره له الترفه والتعطر ولبس فخيم الثياب ، ويستحب له الإكثار من العبادات بألوانها المختلفة والصبر على أدائها والقيام بكلفتها .

8 - الابتعاد عن الشواغل والصوارف التي تشغل الإنسان عن العبادة ، وتصرفه عنها ، وتجعله كالمستهلك في المعاش وتحصيل أسبابه .

9 - التعود على استعمال العقل استعمالا مفيدا : وذلك حين يقوم المعتكف بعبادة التفكر في ملكوت الله سبحانه والتأمل في مخلوقاته وإدراك عظمته وربوبيته .

10 - ترك المعاصي أو التقليل منها : وذلك بأن يكون المعتكف منقطعا إلى الله سبحانه ، منكفا عن مقارفة ما قد يقارفه من المعاصي في معاشه : فإن العبد لا يخلو عن مقارفة شيء من المعاصي في حياته ومعاشه ، ولو من نحو الغيبة والنميمة


2 - إدراك ليلة القدر والتعرض لنفحات الله فيها : فإن من فائدة تخصيصه صلى الله عليه وسلم العشر الأواخر من رمضان بالاعتكاف وكون الاعتكاف فيها لذلك سنة مؤكدة : أن تلك العشر الأواخر هي مظنة ليلة القدر : لقوله صلى الله عليه وسلم :"التمسوها في العشر الأواخر ، في الوتر"رواه البخاري ومسلم . بل إن النبي عليه السلام اعتكف مرة شهر رمضان كله : التماسا لليلة القدر ، قبل أن يوحى إليه أنها في العشر الأخير : وذلك حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم :"اعتكف الشعر الأول من رمضان ، ثم اعتكف العشر الأوسط ، ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه ، فقال : إني أعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ، ثم اعتكفت العشر الأوسط ، ثم أتيت فقيل لي : إنها في العشر الأواخر ، فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف . فاعتكف الناس معه ..."رواه البخاري . وبالجملة فإذا كان المعتكف يقضي مدة اعتكافه في الذكر والدعاء والصلاة ونحو ذلك فقد أدرك من ليلة القدر مغانمها وتعرض لنفحات الله فيها ، وأصاب منها ما أصاب ، وهذا من أعظم الفوائد ، وأبلغ الثمرات .

13 - إحياء سنة ميتة ، مع ما في إحياء السنن الميتة من الأجر والمثوبة : فإن الاعتكاف - وبخاصة في الماضي القريب - كان نادرا لا يفعله إلا كبار السن : وهو اليوم قليل وإن لم يكن نادرا : بل إن الإمام الزهري تعجب من ترك المسلمين للاعتكاف في زمنه في القرن الخامس الهجري ، وذلك قوله رحمه الله :"عجباً للمسلمين ، تركوا الاعتكاف ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم ما تركه منذ قدم المدينة حتى قبضه الله عز وجل".

14 - تحصيل الكرامة عند الله سبحانه : بمجاورته ، وزيارة بيته ، والإقامة فيه مدة : فإن المعتكف - كما قلناه في المقالة السابقة - مجاور لله سبحانه ، وهو في اعتكافه في المسجد - الذي لا يصح الاعتكاف إلا فيه - زائر لبيت الله سبحانه وضيف عليه : وقد قال صلى الله عليه وسلم :"حق على المزور أن يكرم زائره"ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وصححه . كما أن المعتكف قد جعل المسجد بيته باعتكافه فيه ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :"إن الله عز وجل ضمن لمن كانت المساجد بيته ، الأمن والجواز على الصراط يوم القيامة"ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وحسن إسناده مسابقات رمضان نكهة تميز الشهر الفضيل