وطن أحمد المشيخي











قلما تجذبني لوحة إلى درجة الإنصهار ،تماماً كقصيدة هاربة من سطور العشق منتشيه بحبر الوجود إلى حد الألق ،






لا أحتاج لإستحضار الكثير من المفردات لأتحدث عن هذه اللوحة الفنية الأشبه بقطعة من القلب تسكن الوطن لوناً وشجناً وعشقا.






كما يعرف المهتمون بالفن التشكيلي العماني بأن تجربة الفنان العماني الرائد أحمد المشيخي تتميز بإستحضار التراث العماني وإرتباط أعماله بهويته العمانية الأصيله ، وأراني هنا لا أود التحدث عن جميع أعمال أحمد المشيخي وعن تجربته الراقية بل هو حديث الروح منسكبا أمام هذه اللوحة "وطن" ،إهتز شيء في قلبي وأنا أرى هذا العمل الفني ،وشعرت بدمعة تقترب من محجر العين ساقطة في شغاف القلب ،الذكاء في إختيار إسم العمل هو ما أضاف له كل هذا الألق وهو ما أوصل رسالة العمل الفني إلى المتلقي بكل هذه الحميمية وكل هذا الدفء.






أجمل ما يكون حين تراودنا اللوحة عن مشاعرنا ،هذا تماما ما يحدث لمن يتأمل وطن أحمد المشيخي ،إنسكاب اللون الأزرق والأخضر من السماء بخطوط مائلة كمطر من الروح يتدفق سماءا إلى بحرٍ من المشاعر المتدفقة.






البيوت القديمة التي توسطت العمل الفني تأخذنا إلى مراتع الصبا والطفوله وإلى الحنين ،وحين تتعملق في الأعلى إلتفاتة إمراءة كالأم بألوان نارية ممتزجة بلون التربة في بركة توحي بالكثير من البرود والغربة ،لابد أن نشعر بالكثير من الوجع والفقد






لم يتقن هذا السرد اللوني والعاطفي إلا أحمد منصهرا في وطن من المشاعر كما لا يشبهه أحد.لامستني اللوحة بقوة فأصعب المشاعر حين تشعر أن الوطن الذي تنتمي إليه ماهو إلا أم تشيح بوجهها عنك ،إطراقة الرأس كانت أشبة بالمصير والقدر ،وعيون المتلقي تنظر لهذه الملحمه اللونية الغارقة بالحنين لتتوحد مع هذه الذات التي رسمتها فرشاة أحمد المشيخي بإرتكازات لونية مركزة تماما كالمادة التي تناولها العمل .






الأجمل أن الوطن يظل كالأم تماماً وإن إستشعرنا في لحظة غربة أنه يشيح بوجهه عنا فهو لا يزال أماً تسكب الحنان والعطف في قلوبنا ،نشتاق لها تماما كطفل يرى في فطامة جرما وجفاء ولا يدرك أن كل ما تقوم به هو في مصب مصلحته ليغدو رجلا بعد حين،






إنحناءة في محراب الفن العماني وتحية تقدير لأحمد المشيخي






بقلمي الشاعره والكاتبة الفنانة التشكيلية






سوسن إسماعيل –السوسنه






www.alsawsanah.net